رسائل
بعض ما يحمله القلب
الى / صفاء عبد المنعم
0000000000000
" عشقى الأوحد/ صفاء
أكتب وأنا أحس
بشوق يجتاحنى .. شوق البحر لأن ينداح فوق شاطئه الجميل مبعثرا على جسده الملائكى
كتئناته المفرطة الحساسية والضعف . كى تستمد حياتها الدائم من السلام الأزرق
الصافى الذى تشعه عيناكى فى عمق بحرى الذى آمن بعد تلاطم أمواجه .. أن للبحر ضفة
واحدة "
الحبيب العارى من ذاته
مجدى الجابرى
الأربعاء 10-2-88
0000000000
أننا هل نجرح شيئا ما .. حين نقرر أن للبحر ضفة واحدة ؟
وعمقه ؟ ماذا عنه ؟
ملايين من
درجات الحرارة الباردة .. صهرتنى لا دخان هناك ..
فليس من
مكان للأحتراق !
فقط طبول
عالية على حواف الدائرة .. تطرق بشدة بايدى وبقلوب غير مرئيه .. وكأنها تريد أن لا
يسمع صراخى من الأنصهار خارج ذاتى ..
كم هم
أغبياء !!
ليس هذا
صراخا .. فأنا لا يشكلنى بعد الصهر إلا يد واحدة .. أثق ثقة لا مجال للشك فيها ..
أنها تسعى لكى أشكلها بعد صهرها ف نفس درجة الحرارة الباردة .
أننا درجة
الحرارة الباردة والجسد المصهور واليد المشكلة لنقل أننا الصاهر والمصهور ووسيلة
الصهر .
والمشكل
والمتشكل ووسيلة التشكيل .
إذا لماذا
يصرون على قرع الطبول بهذا العنف ؟
ولماذا هم
عرايا حتى الآن ؟
أجل أراهم
من الداخل .. وهم فقط لايرون إلا الخارج ..
المهم ..
أن لا يصروا على تسميتنا الآن .. ولا غدا والا لن يرونا ولاحتى من الخارج .
هذا .. عن
العمق ..
أما عن
الشط الواحد
فلن يبلغه
إلا " الله "
أجل لقد
بلغه الله ..
ونحن
موجدوه من تشكيلنا لذاتينا بعد الصهر فى ذاتينا ..
فهو عمق
الصهر وهو التشكل
أجل شكبناه
بعد أن صهرنا وهو غير موجود ..
فأوجدنا
وأوجدناه .
أنه ليس
الممكن والمتاح .. وليس المستحيل الأزلى
أنه وإننا
.. الممكن المستحيل
وقد كنا
وكناه .. وكاننا وكان
فلنرعاه
ليرعانا .
حبيبتى /
صافى
هل تعلمين
ماذا أرى فى عينيكى لحظة صفائهما وانت تبتسمين ؟
أرانى طفلا
عاريا يضع اصبعه فى فمه .. ويسبح فوق موج كفيك .. هذين الذين أعتقد أنهما أول
ماوجد فى هذا الكون ليمنحا الدفء والحنو فى كل من يمس بهما .. ترى من أين ينبعان ؟
ربما
عينيكى وربما منطقة ما خلف هذا الأزرق الداكن وذاك الأزرق الرائق .. ربما من حفرة
ما أحسها تحوطنى وانا ملقى على ظهرى ناظرا اليكى مبتسما تعبيرا بأول لغة عرفها
البشر عن حبى الذى ماكان له أن يثمر كل هذا الظل الذى يمكنه أن يأوى اليه من لفحته
نار الأزمنه .. أقول ماكان له أن يثمر لولا لمس سرك العظيم له .. وامتلائه بك .
صافى ..
هلى
تستطيعين أن تقذفى بهذا الطفل داخلك ولو للحظة حتى يلمس هذا النبع عله فى اسرائه
يعرج على أناس أو كائنات بردانين فيمنحهم بعض ما به من الدفء .. فينشر سرك من
خلاله فى كل الكائنات فتعرف أن للعالم طعما آخر غير ما أعتادت عليه ..
وللأنسانية بعد آخر وللكون براح آخر غير
ما يعرفون وما يألفون .. أنه أنت ..
الحب
والدفء والحنو ..
أحبك فوق
مايحس .. ترى ماذا يكون ؟
أحبك عشتار
وايزيس ومريم
وأحبك كل
أسرار الكون .. وأحبك
سرى الذى
لم أكن أدرى أننى حامل له .
ترى مالذى
علم الورقه التى انثنت أطرافها فى شجرة العالم أن تنفرد ناشرة كل مساحاتها فى
داخلى حتى تستقبل دفء عينيك وحنو يديك .. علها تلم بأقصى ما تستطيع من سرك .. ولن
تستطيع أن تمتلكه كاملا فلى العذر أن يزداد حبى لكى فأرجو أن لا تغضبى أن احببتك
أكثر مما أحبك الآن .. علنى ألمس فى زمن ما سرك .. فاكتب خلودى الذى لن أتنازل عنه
ولن أرضى عنه وعنك بديلا ..
"
مجدى الجابرى "
1988
حبيبتى /
صافى
لما كنت
محتميا منى بدفء يديكى المعجزتين .. آثرتى أن تحملينى على الخروج لمواجهتى وأنتى
سلاحى فماذا عساى أن أفعل وانا فى خوفى أعيش .. وبخوفى أحبك بحرا لبحر .. وفى خوفى
تنداح كل حدودى وتدخلين مركزا لا ندياحى فاخاف عليكى منى أن تتلاشى فى لا نهائيتى
ويحملك حبى على أن تصبحين شطا نهائيا فأنا لا أحب الشط .. فأنا ألمحك داخلى
تتداخلين فى حلم بالشط الذى لن يبدو سوى نقطة تضىء وتنطفىء .. وأحسك فى خلاياى
وانفاسى تقتربين من لا نهائيتى .. وفى هذا أريد أن ألملك من داخلى ذراتى الكونية
وأقذف بى فى لا نهائيتك التى أحسها تقتلنى سبحا لتحيينى مسافة للأرتعاش تجدد منك
وتشعل حطبا أخضرا لتولد نبضة حارة تقيدنا بالبراح الكونى وتحل هذا البراح الكونى
فى خوفى .
حبيبتى :
هل تسمحين
بأن تحلين لا نهائيتك من لون ما أو صخرة ما .. وحتى ولو كانت هى لا نهائيتى التى
تبيح لأخضرك أن ترعاه غزلان الكون الهمجيه ذات الوثبات المؤلمة لأنها تدب على سماء
قلبى وتقلق نومك الهادى فى أزرقى .. نومك الذى ليس نوما يحمل الغفلة .. ولكنه يحمل
كل الصحو وكل السلام .. وكل الأجنحة البيضاء والزرقاء والخضراء .. قلبى جزيرتك
اللامتناهية الهدوء الصاخب فحطى واستريحى ولكن لن تصر جزيرتى على سكونك وأسرك ..
فجناحاك هما اللون والماء وجزيرتى هى نبض ذرات متداخلة بفضل حبك .. ظمأى للانهائبة
ينداح فيها اللون والماء ونبضى الذى لا ادرى كنهه .. ربما هو السلام الذى يحتوينا
معا خارج ذواتنا وداخلها فى آن ..
أننا نبحث
عن سر الكون فينا .. فليحل .. أو فليحل
فلا طريق
سوى " نحن "
عصارة من
رائق السر .. فينا
فكيف ؟؟
أحبك
موتا لحياة
وحياة للانهائية
الحب
والخوف
.
" مجدى
الجابرى "
1988
صافى /
حبيبتى
لا أدرى
ماذا سيخط القلم .. ولكن كل ما أعلمه أننى منذ لحظات قد وصلت الى حالة من الشد
العصبى والتوتر لدرجة اننى قمت بكسر زجاجة ماء وكوب بلاستيك .. لماذا أصبحت موتر
مشدود على آخره من السهل أن أثار من اشياء كانت لا يمكن أن تثيرنى .. فقدت قدرا
كبيرا من القدرة على ضبط النفس أو التحكم فى ترمومتر أعصابى .
يبدو أن
محاولة أرضاء اطراف متناقضة بينها مابين بعض وبينها وبينى مانريد هو ما جعلنى
دائما لا أحس إلا بأننا محاصران فى شبكة من غزل هش .. نملك القدرة على الخروج منها
ولكن لهذا الغزل الهش قداسة اكتسبت عبر ملايين السنين والخبرات والتجارب والذى
جعلها بموجب التكرار والأتباع قانونا ونمطا .. فكم نقدس نحن البشر البؤساء
القوانين والأنماط وكم نكره المخاطرة والشذوذ الذى لن يكون هناك ابداع وقانون أفضل
إلا عن طريق هذا الشذوذ الذى يجب أن يسبقه هدم .. فالبناء الشاذ يهدم ويبنى على
غير نموذج سابق ولكن يستهدف نموذج آخر أكثر صلاحية وحقيقية ولكنه نظرا لجدته فقط
يواجه قداسة القديم ولكن هى القوانين المقدسة الهشة التى تحاصرنا والتى يجب أن
تهدم كى يقوم الجديد والحقيقى محل الأبتداعى المقيد والمقدس .
عجيب أن
نظل نحن البشر فى القرن العشرين يحمكنا منطق ما قبل التفكير المنطقى والعلمى ..
التفكير الأسطورى من مهارة الأباء والأجداد وتقديس الأفكار الثابتة والمريحة .
000000000000000000000000000000
صافى ..
ياعمق كونى وياسبب نشأتى
وتشكلى
وبقائى فى أفقى الأوسع .. مخترقة حجبا من الزرقة والخضرة والصمت تدخلين عازفة على
وترى الغامض فتفجرين موسيقى الشمعة المشتعلة فى أقصى ركن من الكون الذى كنت أجهل
أنى حامله ..
أسألك :
لماذا أنت
مجدة ؟
هل المسافة
التى قطعتيها طويلة الى هذا الحد ؟
فتجيبى :
جئتك وأنا
جزء من الهيولى لم يكن للكون شكل وهكذا لم يكن لى شكل .. آتيك به .. فى زمن ما ..
ربما قبل تشكل الزمان والمكان ..
وجدت ماءا
يتشكل فىّ .. وأسويه بنارى المتوهجة توهجا لا ينطفأ ..
قلت : للماء .. ما أنت .. ؟
قال : ..
بتشكلك النهائى المنتظر ..
قلت : كيف
؟ هل سأنطفأ ؟
قال :لا ..
قلت : هل سأبرد وأتجمد واحوى بداخلى نارى ..؟
قال : لا ..
قلت : كيف
سيكون لى شكل نهائى ( ولم أكن أعرف ماذا يعنى الشكل النهائى ) ..
قال : أنك
لن تنطفئين وانا لن أشتعل ..
قلت : وماذا أذن أدخلك الىّ ؟
قال : .. إننا وانت تعلمين كما أعلم النغمة
الوحيدة الباقية لتكتمل سيمفونية الكون فيأخذ شكله الموسيقى .. قلت : أذن نتراشق
..
وهكذا تراشقنا لنكمل آخر نغمة فى موسيقى الكون
التى كانت الى لحظتنا تلك .. ناقصة ومحدثة فجوة يسقط فيها كل أثنين أرادا أن يملآها قبلنا ..
ومن يومها
( للزمن حساب خاص غير حسابات التتابع أو القفزات الوقتية التى ترتبط أما بالشمس أو
بالقمر أو بالنجوم ) وأنت ترفرفين فى أفقى الأوسع .. فلماذا أنت مجهدة ؟
اليوم ..
وهذا ما جعلنى أسأل سؤالى هذا .. وجدتك فى هيئة " عصفور " يقف على شباك
الحجرة شبه الدائرية .. ينقر الخشب والشوق وماء الحجر النابض والمسافة الفاصلة .
كان فى
عينيه / عينيك نظرة أجهاد وكأنه قادم من مكان بعيد جدا ويريد أن يستريح فهل نحن
يمكن أن يكون فى تراشقنا راحة ؟ وهل ترتاح النغمات فى سيمفونية .. أو لحن ما ..
وما الراحة .. هل هى تسليم هذه النغمة دائرية التحرك الى شكلها الخارجى ..
نعم هناك
دائما مسافة ما بين شكل النغمة وما تحتوية .. فى هذه المسافة هى معينا الدائم لا إلى
تجاوزها فتطابق مضمونها بشكلها .. بل نطمح إلى تطابق شكلها بمضمونها .. ولكن دائما
الأشكال على درجة من الثبات أما المحتويات فلا تثبت فليس ثمة محتوى نهائى لنا .
ربما شكل
نهائى ولكن حبنا وتوافقنا وتراشقنا لا يمكن أن يصب فى شكل ما .. فنحن ما نحمله
كنغمة أصلية تنقص الموسيقى الكونية كى تكمل - لن - نقض كاملين ولن يرسى قواعدنا
الداخلية ..
فلماذا أذن أنت مجهدة ..؟
أحبك حتى أنفجارنا .
" مجدى
الجابرى "
1988
صافى
حبيبتى ..
وحشتينى ..
يمكن وحشتك ؟ لكن مش قادر أفكر أو اركز فى أى حاجة غيرك .. العالم من غيرك دمه
تقيل قوى .. كل الناس والممارسات والأشياء باحس بيها مزيفة وانها يجب عشان يبقى
لها طعم انها تتحرك بحب وتشوف بحب وتموت بحب .. باكتشف كل يوم انه كان ممكن أكون
زى أى حد أو أى حاجة مزيف وماليش طعم .. لو ماحبتكيش وحبتينى .. صافى انت صدقينى
سبب الطعم واللون والريحة اللى باعيش بيها .. وانت اللى بوجودك جوايا خلتينى
باكتشف الفرق الشاسع بينك وبين كل حاجة فى الدنيا .. صافى انت أجمل وأرق وأوفا
مافى الوجود
.. تصورى
لما يكون حد بيحب فيبقى عايز يدى ومش
طالب حاجة قدامها ويكتشف أن العالم بره
منطقة حبه .. عايز ياخد ومايديش .. يبقى ايه اللى ناقص .. أنه يحب.. العالم محتاج
يحب .. اللى بيحب ياصافى .. يعطى .. لا يريد جزاء ولا شكورا فالله يحب بل الله هو
الحب .. ولكن لم يعرف عالمنا الحالى .. معنى الحب .. لأنه ليس له معنى فلسفى يمكن
الأقتناع به .. وتعلمه .. فهو ممارسة فضلا عن انه محتاج طبيعة من السهل عليها أنها
تعرف ايه الحقيقى اللى ناقصها من المزيف .. وعشان كده ما عرفوش الحب .. خاصة انتى
.. بتدى من غير ماتطلبى .. لأى حاجة وأى حد يكفيكى انه بتحسى انك مستريحة وأنك
أتخلقتى عشان تدى .. فما بالك معايا .. انا اللى حاسس انى لو فضلت طول عمرى
والأعمار التى يجوز أن أحل فيها مرات أخرى .. أديكى فمش ممكن أكون الا نبع صغير جنب نبع العطاء الكبير
.. صدقينى لو قلت مليون مرة أنى ممكن أعمل أى حاجة عشان خاطرك واديكى كل مافيا من
طاقة عطاء هيبقى قليل عشانك ..
صافى انت
ماتعرفيش ياحبيبتى انا بحبك قد أيه ؟ أنت عارفه انا نفسى دلوقتى اعمل ايه ان
صورتينك اللى قدامى يتم التجسيد فيهم .. عارفة كنت خدتك فى حضنى وضميتك لصدرى قوى
.. علىّ استطيع أن أهبك ما لايمكن أن أهبه لغيرك .. ومن غيرك تستحق أن أعطيها سر
أسرار حياتى ... لا... أتمنى الآن أن نغيب سويا فى قبلة أو فى حضن حتى نتلاشى كى
نوجد مرة أخرى فى كيان آخر يحملنا .
صافى باحبك
قوى ولا أقصد المعنى المباشر لما أكتب .. إن هناك منطقة ما أكثر غموضا من أن
تحملها اللغة هى الشعور الحارق والأحساس الدائم فى كل لحظات عمرى منذ حبنا المقدس
وتقريرة .. الأحساس بأنك داخلى فى كل خلية منى .. وفى كل نفس وفى كل نفس الوقت
كيانك يحسسنى بأنى لم أفعل من أجل حبنا شيئا رغم انه مازال فى داخلى الكثير أهبه
لك حقا وليس منحة .
"
مجدى الجابرى "
1988
000000000000000000000000000000
صفاء
كتعويذة أو
رقية لفك طلّسم غامض . أبدأ أنا الوثنى باسمك .. الذى يحويكى صفاءا داخل حروفه
النارية الأربعة كى يفعل فعله السحرى ويفتح الأبواب الامرئية لمعبد غامض ..داخله
شابة فى عينيها بريق لا عمر له .. أزلى .. تجلس فى مدخل ساحة من ماء مشتعل محيطة
بين رجليها المفتوحتين قليلا أتونا فوقه مرجل عظيم يغلى شىء ما بداخله .. لا أدرى
مابه ولكنها تقلبه بين آن وآخر بقضيب معدنى له مقبض خشبى تحتويه بين أصابع كفها ..
المقبض على شكل رأس آدمى يشبهنى الى درجة لا يقاربها الا تشابه الرائحة المتصاعدة
من المرجل مع رائحة البطاطا وهى تشوى فى الفرن المعدنى المقام على عربة خشبية
يقودها آدمى .. وأنا أنظر لها وهى خارجة بعد الشى نظرة تشبه نظرة الوجه الآدمى
المنحوت على المقبض الخشبى لقضيب المرجل .. هذه النظرة الخشبية الثابتة لآدمى رأى
رؤى العين مايحدث داخل المرجل وعرف مايحتويه وعرف ميكانيزم الفعل .. فتحجر أو
تخشبه على هذه الصورة التى تقوم دليلا على أنه قد رأى وعرف ماكان يجب أن لايعرفه
..
هل تخطى
حدود المعرفة وغاص فى عمق الخلق ؟؟
أنها النار
..
سر انضاج
صلصالنا الغفل أو احتراقه !
الطبيعة
رحم كبير
أو بتعبير
أدق ..
مرجل فوق
أتون يغلى .
أذكر وأنا
احتوى بين كفى جدر البطاطا الناضج جيدا وبخاره يمر بين أنفى ليتخللنى ..
أن برومثيوس أول كائن حى أحس بالنار فى داخله
وأذكر أنها عند مرورها فى داخل صلصاله الغفل تحرك صوب امساكها عن الآلهه وتقديمها
للبشر أجمعين متحديا فى ذلك رغبة كتم سر النار المقدسة للآلهه .. راغبا أن يكشف هو
سر ألوهية الأنسان الذى لو وقف عليه لما صار للآلهة معنى .. وعلى هذا أوقف عمره
على كشف سّرها .
وكأننا ..
بل أننا بالفعل أول كائنين تشكلا وقذف بهما بقوة يد رحيمة .. داخل الهيولى وفى
قلبه .. تشكلنا منا ومنه .. فأحس أننى كما لو كنت بناءا مواده منك ومن الواقع (
الهيولى ) وأن اليد الرحيمة قد أعادت صهر كل هذى المكونات ومارست اعادة ترتيبى
وتكوينى فى نفس اللحظة التى أعتقد بل أجزم أنها فعلت هذا معك .. ثم قذفتنا ..
داخلها بلا عون ولا نصير الا ما ركب وغرس فينا ..
أننا نهبط
مكتملين من فوق قمة هيوليه ونتحسس تفاصيله لنخلقه ونحن داخلان فيه .
كى ننقله
ألينا ليتحد بنا بشكل أكثر أنسانية عن ذى قبل .. فمازال هذا الهيولى لا أنسانى
ومازلنا نحاول أنسنته وترويضه لنخلقه خلقا حسنا ونهبه من ذاتينا التى هى فى
مركزيهما الأوحد .. ذات واحدة ..
قلت لنهبه
عمقا وشموليه وحنوا وفرحا لم يتعود عليها ولم يكن لولانا .. مستعدا لقبولها ..
..،
يبدو أن
الهيولى / الواقع .. كان صادم لى وأنا
( مفرد ) لم استطع قبوله ولم استطع صنع المعادلة
التى تحمينى فيه وتحميه فىّ .. تلك المعادلة الأنسانية القاسية التى لم يقو عقلى
الغبى على خلقها هى سبب ماتركبّ داخلى من مجموعة من المشاعر المتشابكة والمعقدة
تعقيدا خارقا لدرجة يصعب معها أن أحس احساسا واحدا دون أن يطل احساس آخر أو أكثر
.. برأسه ليقف حائلا دون الأستمتاع بهذا الأحساس ولو حتى احساس اليأس .. فلم أعرفه
مفردا .. فقد يطفو على سطح مشاعرى احساسان متناقضان فى نفس اللحظة التى لم أكن
مهيأ لها .. ولم يكن عقلى قادرا على تحليلهما وتوصيفهما ثم تسميتهما وبالتالى تحل
المشكلة ..
قبلك .. لم
أكن استطيع أن أوصف أى من الأحاسيس
أو أسميها
بأسمائها التى تعرف بها فيما بعد ..
لم أكن أعرف
ماهو احساس الفرح ، وما هو أحساس القهر ، ولا أحساس الغربة ، ولا أحساس الأنتماء ،
ولا.. ولا..
ولكنها
كانت تأخذ من "صنعى" أسماء تجريدية خائنة بدرجة ما لأنها لا تأتينى
بمفردها كما سبق أن قلت ..؟
وعندما
وجدنا كائنين جديدين .. وكنا
تغير الوضع
بل واسمى بدقة متناهية احساسى نحوك .. أنه
"الحب" أو فلأكن أكثر صدقا أنه "العشق" الذى لا يعرف
التقسيم بين الديونيزية وبين الأفلاطونية .. أنهما كليمها دون أنفصال ودون أرتقاء
وتدنى .. أنه اللحمة أو لنقل المركز المنتشر فيمها والنتشرين فيه والذى لايتحقق هو
دونهما .. ولا يتحققان دونه .. هذا ماأحس به وما أفهمه ولأول مرة فى حياتى يتطابق
حسى مع تسمية له عند هذه الدرجة من التطابق التى تجعلنى يصعب علىّ أن أقرر أيهما
كان أسبق "الحس أم التصور" .. ولكن هذا ما كان وماهو كائن وما سوف يكون
..
وعلى هذا
..
عندما
أحاول أن أحقق كينونتى التى لم تكن قبلك .. الا مجتزئة .. أو لنقل قديمة وغير
حقيقية يفاجئنى أشياء أقولها بصدق كى تعرفينها فهذا من حقك علىّ ومن حقى عليك ..
فيها ..
ثمة مجموعة
من الأحاسيس التى كانت سابقا متشابكة وغير معروفة أو غير قابلة للتسمية تطل
متشابكة مع احساسى الحقيقى والجديد .. تطل لا لتلغيه فهذا مالا أحس به حقيقة ..
ولكن لتمارس ضغطا ما على لغة تعبيرى أو ممارسة لحبك فيخرج السلوك أو اللغة مقتضبة
أو مبتسرة أو باردة .. فأحس بعدها بخيانة تفعلها اللغة معى
( كلام -
حركة – أشارة..الخ ) فاشتعل من الداخل وأود أن أتركك وأمضى خوفا من تشويه حبى لكى
أو تأويله لديكى إلى أشياء لا تمت بصلة لما أكنه وأشتعل به كأن يوصف هذا من قبلك
بالخجل أو بالطفولة أو عدم الخبرة أو .. أو ..الخ وبالتالى فأننى أقتل وأحيا معك
فى نفس اللحظة ملايين المرات .. ليس مبالغة بل حقيقة وخاصة فى حالات الصمت التى
تنتابنى والتى دائما أحاول مصرا على أن لا تؤولى صمتى على أنه تفكير .. لأن مجرد
تصور أن صمتى تفكير .. يقتلنى .. ويجعلنى ألعن ألف مرة هذا ( الهيول / الواقع )
الذى هو مصدر ما أحس به من عدم كونى أنسانا سويا كآلاف البشر الذين يحسون بأحاسيس
بسيطة وعميقة وغير متشابكة فيجدون لغة ذلك طوع أشارتهم ..
ثقى .. أن
أردتى ..
أنك أجمل
من قابلت ، وأنك كائنى الأسمى من كل كوائن هذه الحياة المبتذلة التى نحياها منفصلين ..
لا أتصور
شكلا لهذا الكيان الذى أنتى فيه مركزا وأطرافا .. جمرة وسلاما أرضا وسماءا .. لا
أتصور له شكلا ولا مضمونا بعيد عن أنفاسك والتى أصبح صدرى لا يتسع إلا لها أولا ..
فلن يسمح لشىء يدخله الا أنفاسك كى تكون مصدر دفئه ولهيبه وانسانيته .. ثم ليدخل
من وما يشاء لنا دخوله بعد ذلك .
أحبك ..
ليس فراشات تحترق .. لأننا لسنا قرابين لشىء .. وأنى أحبك كونا يتخلق .. نطفة تحوى
الأرض والسماء .. ولا يحويها لا أرض ولا سماء .. لايحويها الآنا .. أول المبعوثين
من رماد الأزمنة ..
..،
صفاء ..
لكى أنا
فافعلى ما تشائين .. الا أن تتصورينى فى شكل ومضمون غير هذا الذى حاولت فضّه
والمصر على أن لا تكونين الا أنت التى أحسّها وساهمت فى صنع كينونته الآنية
والدائمة ..
..،
ليس للدمع
متسع غير القلب ..
وليس لصدرى
متسع " الآك " ياصفائى الدائم .. ولنكن .. أو فلنكن ..
مجدى الجابرى
1988
00000000000000000000000000000
صافى ..
حبيبتى
بالأمس ..
كنت ليلا مضطربا .. تتحرك على أطرافه أشباح متماسكة الأيدى والأرجل تدور وتلف حولك
.. وأنت النجمة الوحيدة تصرين على الأشعاع فى مركزى .. كم تملكنى الخوف عليكى من
حلقة الأشباح التى تضيق كلما أزددت توهجا .. وأنا الليل أخاف أن يغلبوكى على أمرك
.
....
أشعر الآن
بدرجة من الفقد .. ترى لماذا ؟؟
....
ليست لنا
آية مواريث على هذه الأرض المجهضة دائما ، فكونى أكثر التصاقا بى كى نمنح هذه
الأرض اسما آخر وصفة أخرى ..
....
على جبل
عال لايدرك بالنظر كائن قمته .. ولدنا .. ربما من بيضتين أختين لطائر عملاق طيب
الرائحة .. وربما حططنا فيماوراء القلب وتعاهدنا على أن نزداد التصاقا كلما أزداد
مرات الأجهاض لهذه الأرض .. التى آن لنا أن ننزلها متشابكى القلبين .. متراشقى
الأحلام والذاكرة .
....
يبدو أن
هنالك اصرار ما على أن نقف على وتر السفر هكذا .. هى الريح تمرجح أقدامنا ترى
بماذا نتشبث حتى لا نسقط فى هوة المألوف ؟؟
بالخارج
رغم علمنا أن مجهض ومجهضه ..
أم بالداخل
بكل مايحمله من زخم حقيقى يحمل كل امكانيات التجاوز لكل ماهو ثابت وآنى ..
دائما على
أرض جديدة تحمل كل ماهو صالح لأن يحيا المستقبل الذى نتحقق فيه سويا تحققا كاملا
.. لنصبح القصيدة العصية على الفهم والأستيعاب والصالحة لكل الأزمنة .
....
للخارج رغم
سطوته ضعفه الخاص ..
فهل
اكتشفناه .. ولنا فى الداخل قوة خاصة ..
هل
اكتشفناها .. أم أن الرؤية مازالت واضحة وضوحا غير كامل ..؟ هل ما يحركنا هو
الرؤية المكتملة أم الحس الكامل .. أم كلاهما ؟؟
صافى ..
مجد ومرهق
"أنا" .. لأنى لم أعد أهل للثقة فى هذا العالم الخارجى ، أحس أحيانا أن
لم أكن دائما بأننى أبتذل لأجل الحفاظ على داخلنا .. وهل ما أحسه أحيانا من أبتذال
.. لم يؤثر على طاقاتى الداخلية التى تحتلينها بحق وليس ماأنا فيه الا خوفى من أن
تنطفىء بعض طاقاتى بعد توهجها لكى وبكى !
صافى /
حبيبتى..
بالأمس
"كانت" تنتابنى مشاعر الخوف على طاقتنا .. أن تنطفىء .. هل نغامر اذا
اصررنا على الحفاظ على داخلنا .. وضحينا ببعض من الخارج ..
ولماذا هى مغامرة ؟ وماهو الشىء الحقيقى الذى لا
يعتبر مغامرة ؟
وجودنا
البيولوجى مغامرة .. وموتنا مغامرة .. ومابينهما مغامرات صغيرة بين المغامرتين
الكبيرتين .. ولكن هنالك شىء واحد ليس بمغامرة بين الحياة والموت اذا عرفناه على
حقيقته .. الا وهو الحب .
فاذا كنا
نعرف نفسينا كاملا ونثق أننا لا يمكن أن يكون كل منا بمفرده أو دون الآخر ..
حقيقيا وكاملا .. فما خارجنا لا يعتبر أهماله أو التضحية بجزء منه مغامرة .
المغامرة
هو أن نقرر الآرتباط وهنالك شىء ما بيننا لم نحسه ونعرفه ونثق فيه ثقة لا يصل إليها
الشك .. هل نحن هكذا ؟؟
أخاف أن
يكون هنالك شىء ما لم تعرفينه فىّ .. وخائفة منه .. أن كان .. فأنا أحبك وأظل
فاردا حبى عليكى ومعريا داخلى كى تدخلينه فى وضح المشاعر وتقضين عليه .. فأنا لا
أحب أن يكون هنالك احتمال صخرة فى سبيل الوصول الى الشط الأوحد والنجمة الوحيدة
التى ليست نهائية وثابتة .. بل دائمة التحرك والأتساع والتوهج الذى لم يغير فى
جوهرها بل يعمقه .
صافى ..
أخاف أن
تحمّلى الداخل على الخارج .. فيسقط الداخل بسقوط الخارج .. فالداخل والخارج ليسا
متلاصقين تلاصق الشىء ونقيضه .. بل هما متجادلان وليسا متقابلان .. متصارعان صراعا
لابد لنا فيه من أن ينتصر الداخل .. ولكن لن يموت الخارج .. بل يعاد صياغته وفقا
لما يريده الداخل .. أى وفقا لما نريد .. وهكذا فيه الجدل بينهما مرة أخرى ..الخ
لينتصر
الشط والنجمة على كل ماهو وقتى وثابت .
دقرمتى
الجميلة : أحبك .. فلا تقذفينى بحجارة الواقع .. وأن كانت لن تستطيع تحطيمى بعد
اكتسابى قوة من التصاقنا وترا شقنا .. ولكن حجارة الخارج قد يسقط حجر منها فوق
طاقة ما بداخلنا فيكتمها ويمنع من التنفس والحياة أحد مستواياتها ..
فنحس
مستقبلا أن شيئا ما ناقص .. وأن ثمة حزن ما على فقد شىء كان يمكن أن لا يفقد اذا
كنا أكثر التصاقا .. وأقل تسليما للواقع .. وأقوى ثقة فى حبنا الذى أؤمن حق
الأيمان أنه عقيدتى الوحيدة التى أرى وأحس فيها الأله والشعائر والطقوس والأخلاص
والتوحد الصوفى .. والمناجاة .. وأمل الخلود .
فلتسلمى
ياحبيبتى من كل نقص .. ولتحبينى أكثر .
" مجدى الجابرى "
1990
000000000000000000000000000000