الأربعاء، 21 يناير 2015

بين مجدى الجابرى ومجدى على عبد الهادى وبينى

كتابة
----
بين مجدي الجابري
ومجدي على عبد الهادى
وبينى .
-----------------------

يبدو أن علاقتي بالناس والحاجات والأماكن والتواريخ والمشاعر والصور والأفكار أتعقدت قوى ، واختلفت تواريخي والتبست المشاهد والصور والأصوات والحركات والإشكال والملامس  والروايح والحاجات التانية  اللي مش فاهمها  واللى بقالها أثر واضح محفور  فى ذاكرة أعضائي ، أنا الجسد اللي بحاول ألقالي مكان أراقب منه بحياد احيانا وبتورط وتدخل بوعى غريزى وقت اللزوم  ، أحيانا ضد التضحية بوجودي ككيان مادي بالأساس موجود هنا والآن على مذبح أي مشروع أو فكرة أو أسطورة تم تصنيعها فى أي مصنع من مصانع أنتاج الايدولوجيا والمعتقدات (الخلود – التطور – الهوية – الإنسانية – الوطن – المجتمع ...الخ )
ولو قربت أكتر من الخيوط  المتشابكة دى ، يمكن على الأقل ألاقي تلات خرائط حياتية ومعرفية لتلات شخصيات  بيتنازعونى  ، بينهم وبين بعض مساحات مشتركة بين الخبرات والوعى  ، ها حاول مدها على استقامتها ، مش عشان يتقابلوا  في نقطة واحدة كبيرة  ومتعالية من قبيل الروح أو جوهر الذات ، ولا عشان تصفى كل شخصية حسابها  مع التانية ، ولكن عشان أقدر أحرر المساحة اللي واقف فيها من الهم الخاص بكل شخصية  من الشخصيات دى ، وأحافظ على المسافة التي تسمح لي بمراقبتهم كأخريين دافعين لحركتي في الحياة ، واللي ماملكش أكون غير الحركة ذاتها بدون أي أوهام عن هدفها غير الأوهام اللي لسه ما اتحررتش منها ، لأني لسه ما وعيتش بقيودها ، لسه ما اصطدمتش حركتي بيها ، وأكتشف كونها قيد بيحاول يحدد مسار الحركة ويعمل لها هدف ونتيجة متوقعة و  و...الخ .

ده لأنه فيه احتمال وارد وساكن طول الوقت جوه الحركة دي ذاتها ، هو احتمال انطباق الشخصيات التلاتة على بعض ، وبكده هَتكُف الحركة دي عن الوجود ، وساعتها ها خرج من الدنيا كأني جزره وقطمها جحش .

التلات شخصيات دول اللى بدوا يوضحوا دلوقتى  همه:
مجدى على عبد الهادى ،
مجدى الجابرى ،
و(......) الشخصية التالتة لسه بتتكون ، لكن خطوطها العريضة قربت توضح ولأنها لسه ماخدتلهاش  شكل ، فلسفة ، ما اتسمتش  وطبعا الشخصيات ترتيبها فى الكتابة هو ترتيبها فى الظهور على مسرحى .

عن الفقر والجهل والمرض وأشياء أخرى :

1-          كتابه عن الميلاد
كأن حاجه أوايد بتزقنى فى ضهرى وبتدفعنى للخروج من الفتحة الفاصلة بين العتمة والنور ، بين الهدوء والدوشه ، فنزلت على وشى ، وراسي أتخبطت في بلاط الحمام ، فمدت أمي أيديها تحتيها ورفعتني ، وكان الخلاص ملفوف على رقبتى وخرجت ، ندهت على أختي تجيب الداية ، كان النهار لسه بيشقشق ، صحيت الداية وهى لسه مدروخه ، فكت الخلاص وقطعته من على رقبتي ، وقالت لها : خير ، خير  ، ده رزقه كتير وعمره طويل .

الغريب أنى لما أتخبط  ما عيطش ، وأول صوت يطلع منى كان من الأيد اللي فكت الخلاص من على رقبتى .
من ساعة امى ماحكيت لى ده ، وأنا حاسس كأن فيه حاجة أو حد  دايما واقف ورايا وبيدفعنى من ضهرى ،عشان أخرج من إيه ؟ وأروح فين ؟
مش عارف ، ويمكن كل اللي عرفته في الدنيا بعد كده   كان محاوله لفهم السؤال ده ، ومعناه إيه ، ويمكن للتخلص من الأثر اللي مطبوع على ضهرى ، أو الأيد  اللي بتدفعنى للخروج .

ممكن تكون الحكاية من تأليف أمي ، وبالتالي تبقى كل كتاباتى وحياتى هى محاولة للتخلص من سطوة نص لحظة الميلاد؟!!

بإعادة إنتاجها في نصوص كتابية وحياتيه متعدده  وبالتالي
تدميرها والتحرر من مجازات صدمت الميلاد (خبط الراس فى البلاط ) والقيد المولود بيه والملفوف على رقبتى (الخلاص ) والنبؤة
 (رزق كتير وعمر طويل ) وصرخة الخلاص .

كل الحاجات اللى وارثها جسدي كميراث 
ميتا فيزيقي أو فيزيقي ، ميراث من اللى أنا صانعه ، وماليش دخل فيه ، ومن حقي أنا أصنع لجسدي تاريخه اللي يخصه ، واكتشف الحياة المناسبة وحاجاتها وأماكنتها وطقوسها وملامسها وألوانها وأشكالها ، معالم وأثار عليه على  شكل وخبرات بتتفجر جواها أسئلة وطرق للبحث عن إجابة ليها ، باجربها حياة وكتابة .
فرح وعجز وضعف ونشوة وأشكال جمالية ومعارف مغرم باكتشاف التاريخ الشخصي لإنتاجها.

لكن وبرغم ده مازالت باحس بالأيد أو حد بيدفعنى أخرج ، وابدأ  فعلا أخرج من راسي ، صدري احشائى ، وأتنى أخرج  أخرج وأنا حاسس ورايا بكف زى لوح التلج بيدفعنى فى ضهرى  ويفرغ كل الحتت اللى مازالت سخنه ، وأتمركز فيها ، ولآن طرف صباع رجلى الشمال ، الصباع الصغير ، هو أبعد مكان بتكوم على نفسي فيه ، وأركز كل سخونة جسمي وطاقتي حتى في أي كتلة أسد بيها المنفذ اللى دخلت منه وابدأ أراقب زحف الأيد دي علىّ ، وسيل التلج اللي عمال يحفر ورا منها مجارى يسيل منها إلي اعضائى  اللي عماله تتجمد ويتشكل منها خريطة من التلج ، وأما يكمل رسم الخريطة وأشوف بانو راما كاملة لحياتي عبارة عن مشاهد متداخلة في بعضها ، ويبقى من الصعب عليه ترجيع كل حاجه مكانها اللى حصلت فيه  وتلبس الصورة على الصورة  فأقبل البانوراما دي زى ماهى  وكأنها حياتي اللي كانت واللي هاتكون واللي باشوفها بتتحرك قدامى  لكن ما بتدخلش فيها لأني باكون مشغول وقتيها بالحفاظ على شوية السخونة اللي في جسمي ، واللي سادد بيهم المدخل ، وأكتشف طرق جديدة لتحويل طاقة السخونة إلي معاول هدم ، وكوريكات لرفع أنقاض التلج وتحرير اعضائى ، ساعتها بتختفى الخريطة وباحس بجسمي ككيان مادي خارج منه حتة جديدة عليه  ويحاول يتلمس لنفسه مكان فيها ، فيتحرك بوعيه المادي اللي فيه بتتخزن خبرات جديدة ، فتحرر خبرات قديمة من النسيان ويتولد وعى على قد الخبرات دى تحتاج تتنقل للغير كجزء من ممارسته للحياة ، والمفروض يتحدد خطاب جسمى بالقوانين والحدود اللى هيتحط فيها  زى ما المفروض أن ممارستي تتحكم بحدود الملائمة لنوع الممارسة دي ، وكل الحدود والقوانين الموجوده للخطابات وأشكال الممارسات المفروض التسليم بأنها نهائية (لكل مقام مقال ) وأي زحزحة أو تحريك أو اختراق ليها  وبلاش كلمة هدم اللي مغرم بيها (مجدى الجابرى ) ممكن تحميلها لو كانت ممدودة على أساس أنها هامش للمتن ، زى المعتوه مثلا ممكن استيعابه كهامش للمتن  الاجتماعى وتقبله كولى أو كشخص مسكين يستحق العطف عليه
– نديله فلوس – نأكله ، نجيب له هدوم ، مانعرضوش لمواقف قاسية زى الطرد أو الشتم ، لكن مش ممكن تقبله جوه المتن ، يعنى "مثلا لو جه يطلب أيد أخت واحد مش هيجوزها له ، ومش هيعتمد عليه فى العمل ، ومش هيتاخد بكلامه فى أي قضية اجتماعية وثقافية "، مثلا  لو
"مبدع اشتغل فى عمل أدارى ، ممكن تتغفر له بعض شطحاته ، زى أنه نسى في مرة يمضى فى دفتر الانصراف أو بطئه فى الاندراج فى دولاب العمل "، لو كان الزحزحة دي في المدرسة أو الخطاب زادت عن حدها ، فحتى الهامش مش هيستحمله وبكده يبقى معرض للنفى خارج المنظومة  أو بالجر داخلها
 (بالقمع ، الضرب ، الحرمان ، السجن وو..الخ) أو الاستلاب (نزيف الوعي) وكلها محاولات الاستتابة عن الطريق اللي بيهدد الحياة كما أستقرت وتعود عليها الناس مستفيدين ومتفادييهم  والمفروض أنه يتم انفعال تام بين التلات شخصيات  اللى ساكنين جسمى
(مجدى على عبد الهادى ، مجدى الجابرى ، وأنا ). 

الجابري/ شخصيته الاجتماعية الاقتصادية اللي ليها مكان ودور وخطاب بتأدية محكوم بقوانين الممارسة وعى أو حركة .
مجدى الجابرى/ الشاعر المثقف الرافض للعالم ده واللى بيقبل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية ويمارسها زى ماهيه أو يرفض يدخلها ، الكتابه عطلان وماعدتش خبراته الحياتية ولا الثقافية بتلحقه لما يقعد أدام الورقة ساعات بعد تلات أربع تيام بالحد الأدنى من النوم والأكل والعلاقات الاجتماعية وعلاقات العمل والحد الأقصى من الأفكار والمشاعر الورقية ويقوم من غير ما يكتب حاجة أو يكتب حاجات فيها من مجدى الجابرى الشاعر ، لكن بيلوث شعريتها حتت من
(مجدى على عبد الهادى) وتفاهاته اليومية وكتاباته المفصولة عن بعضها  واللى مابيجمعهاش غير مجرد توقيع فى أخر كل كتابه  "ملو أستمارة عضوية في مكان ، أجابه على سؤال فى امتحان ، كتابة وصل إيجار ، تسجيل أسماء كتب في دفتر الاستعارة ، شهادة على عقد جواز..الخ ".

كتابة اللي بتأكد على الدور اللى مطلوب منه يلعبه  زى القرد اللي بيقلد نوم العازب مثلا عشان تفضل اللعبة مستمرة  تأدى د ورها فى التاريخ الانسانى  ؟!

وأحيانا بيسرب للورقة حتت من (ىّ) أنا اللي موجود في لحظة معينة  ومكان معين وبعمل مليون حاجة من بعض وباتوجد فى أكتر من مكان فى نفس الوقت وأعيش أكتر من حياة جوه الجسم الواحد ، وأكتب أكتر من كتابة ، ولكل كتابة قوانينها ونسقها ودورى اللى متحدد لى فيها ، باختصار مخل بمارس عدد كبير من الممارسات  كل ممارسة بتنتمى لنسق من الأنساق الحياتية (أجتماعيه زى الأسرة مثلا ، الاقتصادية زى العمل وعلاقاته ، الثقافية زى الأجناس والأنواع للعلوم والفنون،السياسية زى النقابات والأحزاب ) وكل نسق من دول ليه خطابه وكل خطاب له حدوده وبنيته وقوانينه ، ويفضل يتأخر سنه ورا سنه عن الحياة لحد ما يلاقى نفسه عايش على الحد الأدنى من الضروريات الحياتية اللي بتخليه يا دوبك على قيد الحياة ، عشان يتفرغ للبحث ومحاوله أكشاف العالم الأفضل ، العالم الكوني الخالي من كل القوانين المعوقه للوصول إلى الانسان الأجمل الأرقى - السوبر مان - الإله الأرض ، اللي يعمل فيه كل واحد اللى هو عايزه وقت مايعوز ، بس لازم كل الناس اللى عاوزه العالم ده يتوجد ترفع رجلها عن - هنا  والآن -وتروح ناحية هناك وبعد زمن أد إيه مايعرفش ؟ ولا حد قبله عرف بالظبط .
لأن أي خطاب محتاج لحضور مخاطب ، زى احتياجه لمكان وزمان يزرع فيهم خطابه ، فأنا ها حول الخطاب على عدد من المخاطبين اللى عرفتهم ، وده معناه إن المخاطب المناسب هيحضر بحضور مستوى الخطاب اللى يناسبه ، لكن أنا محتاج أخاطب حد ، ومش محدد دلوقتى مين ؟ محتاج أتكلم وأقول وأفضفض وأحب وأكره وألعب كورة وأشرب واسمع مزيكا وأكتب وأضحك واتعكنن وأسافر وأقعد وحدي وأروح سيما وأغنى بصوت عالي  وأرقص وا تنطط وأركب طيارة وأنام وأطرطر ف الشارع وأرد الباب ف وش اللى ما يعجبنيش أو أسيب له البيت وأخرج وأقوله لا بجد وأعطش وأشرب ف ساعتها  وأنكر أنى عملت حاجات من غير ما أضطر أعترف بيها لحد وأصمم على موقف واحد لحد ما أعمله  وأتحمل نتايجه وأقعد ف وسط الشارع وأربع رجليه وأمسك طباشير وأشخبط بيها على الأتنين وتلاتين سنه اللى عشتهم محبوس ف شخص ( مهذب ، كريم ، عطوف ، خجول  ) مهتم جدا بالناس  وخايب جدا فى أي حاجه يعملها لوحده مايعرفش يصلح كرسى أو حنفية مياة أو يركب لنضه أو يفتح علبه بلوبيف أو سالمون ويتلخبط  قدام أي واحدة حلوة
أو فيها حاجة تحسسه بأنه مهما هيكتب أو يقرا هيفضل فيه خيط جواه  متدلدل ومستعد أنه يتشد منه فى أوضه على سطح أو أوضه نوم في شقه زوجيه أو كافيتريا أو مكتب شغل أو سيما أو دورة مية ،  وهنا يوافق على كل حاجة بيرفضها ويرفض حتى وجوده إذا استدعى الأمر ،  ويتساب وحده هناك عريان  ومتلخبط ويتيم ، ولأن الحاجات مش دايما زى ما بيعوزها شعوره وربما لأنه مش عارف يعوزها أزاي وفين وأمتي ويطلبها أزاي وأمتي وفين ؟ دايما خايف ليظبطه حد بيتعولق أو بيتمسكن فيها، فيفضحه ويشهر بيه  وده معناه أنه هيضطر  يبذل جهد أضافي في الدفاع عن نفسه قصاد الناس مع أنه هيبقى سعيد جدا أو بسيط جدا وهو بيحس بطعم الخوف الفعلى من الناس ، خوف لأنه عمل حاجة فعلا ضد أرادتهم ، أو ضد اللي بيتصوروه أنه أدارتهم ، وبالتالي يبقى فيه مبررأنه يقول"لشحاتة العريان " أنت حاكم على نفسك أنك ما تشوفنيش إلا في حدود نظره سريعة بتبديها وأنت بتلعب طاولة على بنت معدية أو كتاب ف أيد حد جه قعد جنبك بالصدفة ، وتقول لأمك مسيرنا هنتقابل بعد ما نخلص من بعض تماما ونصفى حساباتنا  بمكسبها وخساراتها مع بعض ، وتقول لأخيك خالد في حدود أنك وحدك وما حدش هايديك حاجة  لكن كتير مستنين ياخدو منك ، مش طمع منهم ولا بخل لكن دى حدود العالم اللى صنعوه بنفسهم  وسكنوه ومش هيسمحوا لنفسهم أنهم يقروا قصادك وأنت ما تسمح لهمش – حتى لو عاوز – لأن ده هيفتح أبواب مقفولة من الماضي ووراها جثث متعفنة من العادات والعرف والأخلاق وما شابه ، فشوف نفسك وحدك وأنساني  معاهم ، أو وحدي ها كون غيرك وها كون غيرهم بس أنت ماتحملش هم لحاجة – غير كونك ف سفر ، والسفر ده في حد ذاته رحله كشف الذات لنفسها قصاد نفسها .
هل تقدر؟

وها قول "لصفاء عبد المنعم زايد " أحنا أتقابلنا صدفة،وحاولنا نحول الصدفة لقانون نستمر بيه ونقاوم مية ألف مليون صدفة قابلتنا ، صدفة السفر للفيوم ، وصدفة الجواز هناك ، وصدفة الجواز من غير ما أكون ليا مصدر رزق أو مكان بديل ، وصدفة القعاد مع أهلك وصدفة اختراقنا .

مجدي / أبو الجود ، ضبو، مجدي على ، مجدي الجابري ، بوبو ، جابرى ، ده زائد حياة أنثوية كاملة الملامح (الوش الأبيض المشرب بالحمرة والشعر الأصفر الطويل المفروق من النص ومعمولة قصه من قدام متعلق فيها خمسة وخميسة وقرن شطة بلاستيك )
والزى (جلابية بناتي وفساتين وأحيانا غوايش وخواتم فالصو ) ونوع اللعب (عرايس قماش وأوضة نوم  خشب لعبة ، وحلل وأطباق ومعالق بلاستيك ) وحياة طفلة استمرت أربع سنين معروفة قدام الأهل والقرايب أنها ولد واسمه مجدى ، مخبينو عن العين اللى اخدت قبله تمن ولاد ، العين اللي عشان خاطرها أتسمت
- البنت / الولد - دى عدد كبير من الأسماء البنات بعدد الأغراب اللحوحين اللي عايزين يعرفوا اسمها إيه واللي كانت تحتاج مجهود حفظها إذا كان الغريب ده من الناس اللى ممكن تتكرر مقابلتهم ، زى الجيران والبياعين اللى في الحتة وسكان البيت ، خصوصا إن كان الأسماء البناتى دي كانت بتبقى أسماء شاذة أو محقرة ، زى
" ست أخواتها ، عين أبوها ، داهية ، خيشة ، جرادة ، عويسة " عشان كده مضطر أدخل على طول في حكاية الجسد اللي أتسمى الشيء اللي جواه بكل الأسماء دي في مراحل عمره المختلفة  أو في لحظات مختلفة داخل نفس المرحلة العمرية وأحيانا كان ويبقى أكتر من أسم في نفس المرحلة  لكن قبل ما أبدأ في حكاية الجسد ده فيه توضيح بيلح عليه  أنه أقوله ، أنا اللي باكتب عن حد معاشره  بقالى 37سنة وكل ما أتكلم معاه ألقاني باتكلم مع حد تانى وفجأة ينط لي حد تالت  ورابع وخامس  وأنهى الكلام معاه بالصمت لما أحس أنى بدأت أشك في إن أنا كمان بيطلع من جوايا اللى يواصل الحوار الغريب  ده ولما يتحول أنا ، أنا  اللي ما اقدر ش أوصفني غير أنى جسد مصري  ، أتولد من جسديين مصريين فى
15- 8 -1961 كأخر نقطة في سلسة أجساد ذكورية وأنثوية انتمت على مدى تاريخ   لعدد كبير من الأجناس والأديان ،الفرعوني ،الروماني ، العربي ، التركي ، الفرنسي ،الانجليزى ...الخ ...الخ .

راجل بين الخمسة وتلاتين وأربعين
(وده السن المناسب لاحتلال التجاعيد لمساحات واضحة من أي وش بشرى )
له وش طفل رضيع ،
قاعد على كرسى ومدد رجليه على الترابيذة ،
وقدامه التلفزيون مفتوح من غير صوت ،
وبحركة حاوي ،
غرز ضوافره فى جلده وسحب اعصابه النافرة ،
وكورها ورماها على الارض ،
فجأة أختفت التجاعيد من وشه ،
ورجع وش طفل رضيع ،
فمد أيديه الأتنين ولف القلاووظ ففصل نص دماغه الفوقانى وبسرعة كان مخه فى حجره جوه
الطاسة ، تابع بعينيه الصور اللى بتتحرك على الشاشه ،
ومد أيديه في جيبه وطلع أبرة ، وقعد ينكش بيها فى محتويات الطاسة ، لحد ما لقي الحتة المسئولة عن تخزين الأصدقاء والحبيبات ،
من غير ما تقلقش .
عادى جدا !

إنك وأنت بتبدأ حياتك توسع دايرة معارفك من الجنسين ، لأن دي القاعدة العريضة الكلى هتختار منها الأتنين اللي هتوافق أنهم يشبكوا في دراعينك  صديقك وحبيبتك.

وأنت ماشى في الطريق بيتهيألك أنك اختارته ، أكيد هتتعب حبه ، فتلاقى حد تتسند عليه عشان تلقط أنفاسك من غير ما يحسسك أنك عبء عليه لحظتها ، ولأنك أبن العالم التالت زى ما بيسموه ويمكن لأسباب تانية حاولت تفهمها وما طلعتش منها  غير بخليط حسن محدد للأمر ، غير الاختلاف البيولوجى والتربية ، والفلكلور والآداب والدين ، ونتف من فرويد وباشلار ونتشه وماركس ، لأنك كل ده ، ولأن احتياجاتك من الصديق هى احتياجات الأنثى اللي جواك بعد مرورها عبر جسدك الذكورى ، يعنى بعد (تذكيرها ) أو(ترجيلها) فأنت بتطلب من الصديق أنه يكون أحيانا الأب بالمعنى الفرويدى بالنسبة للبنت (الكترا ) أقصد القوة الموجودة  وراء القناع (الحنان الابوى) القسوة وما يلتبس معها من علامات رجولية ، الصلابة ، الاستقامة  وغيرها من العلامات الرجولية ، البيولوجية ، الجنسية ، الاجتماعية ، الثقافية ، واللي من غيرها مش ممكن تمر الأنثى بتجربة ميلاد تانى من أنثى بيولوجية / جنسية إلى أنثى اجتماعية و لن نجد لها مكانا فى عالم الرجل الذى تم تصنيفه منذ ألاف السنين ، بعبارات أنثوية تخص الإبداع ، وتأتى غالبا ما يكمن وراء القانون ، النظام ، الصلابة ، التكرار ، والذى بخروجه يدمره ، فيأبى الرجل ليعيد الأمور إلى أوضاعها ، ويكتشف القانون الجديد ثم يعيد أنتاج الإبداع بتكراره .

فيه خط فاصل بين الصداقة والحب ،
خط بيحدد الذكور للصداقة والإناث للحب ،
فكل ولد داخل دايرة علاقتك مرشح أن يبقى صديقك ، وكل بنت مرشح أنها تبقى حبيبتك ، وأي اختلاط  بين الدوريين والنوعين بيلخبط احتياجات الذكر ، واحتياجات الأنثى الموجودين جوه نفس الجسد اللى أنت عنوانه  ، بس مش أنت بس محتواه .

فالرجل هو الثبات والمرأة هي الحركة ، الرجل هو الاستقرار والمرأة هي الانتقال ، ولكنه انتقال مفاجىء ومحدد بشكل مفاجىء وعلى فترات متباعدة (هل أقول زمنا طويلا ) يجد منفذا للخروج كطاقة مهددة للثابت ومجددة للحياة !
إن السيطرة على المزيف هو الثبات الاستقرار ، أما الرجل المتروك دائما يبدد ، فهو ساكن في العمق ، ولولا وجود الأنثوي في الرجل لتحولت الحياة إلى تكرار ممل لنفس الأشكال ، فكل الرجال عندما يسيرون يمثل اليك أن رجلا واحدا متكررا وليست الفروق سوى فى الأحجام
 (علاقة الكتلة بالفراغ) ولكن أن تسير إناث  إلى جوار  بعضها ، فسترى عدد لا يحصى من الاختلافات بينها.

الشك ده الإحساس بغرابة اللي بيحصل طول الحوار ، ولما يتمكن منى الإحساس ده ، باحس أنى عايز أعيط ، أو أضحك ، أو أخبط راسي في الحيط ، آو أكسر أول حاجة تقع أيدي عليها أو أسكت .
 وغالبا باسكت !
ولما باسترجع مع نفسى لما أروح الحوار اللي دار بينا ، مابسمعش الكلام بس ، لكن بشوف وأسمع وألمس  وأشم وباخش بيوت وقهاوى وملاعب كورة وبيوت بصلاتها وحماماتها ، أوضها ومطابخها وسهرات لياليها ، باقابل ناس  وأحضنهم بالحضن  أو ألعن سلسفيل أبوهم ، وعشان كده ضروري جدا أوضح  قبل الكلام عن الجسد ده ، أنى أقول النتيجة اللي وصلت لها من علاقة الأجساد البشرية بالأسماء اللي بتتسمى الحاجة أو الحاجات اللي جواها ، اللي بيسموها
" الروح أو النفس أو الشخصية أو الأنا ." وقبل ما أبدأ الكلام ها قول جملتين كتبهم أتنين من الفلاسفة لتوصيف أوجه الشبه اللي عايز أقولها ، لكن كلامي هيكون مختلف شوية.

الجملة الأولى  من كتاب (الضحك)
لهنرى برجسون ، الرجل بيقول : (من الواجب أن نميز بين الشخصية التي لنا الآن  كان من الممكن أن تكون لنا . ففي طريقنا مفارق ولو ظاهرية نرى منها كثيرا من الاتجاهات الممكنة  وإن كنا لا نستطيع أن نسلك منها إلا واحدا ، وما الخيال الشعري فيما أرى إلا الرجوع القهقرى واستشفاف هذه الاتجاهات حتى نهايتها ).

نعم إن شكسبير لم يكن ماكبث ولا هاملت ولا عطيل ، وإنما كان يمكن أن يكون هذه الشخصيات المختلفة لوأن الظروف من جهة ، وإرادته من جهة أخرى ، قد أثارت إلى حالة الفوران العنيف شيئا لم يكن فيه إلا اندفاعة داخلية .
إن الحياة لا يعاد تأليفها  ، وإنما تدعك تنظر إليها فحسب .
وما الخيال الشعرى إلا رواية للواقع أتم وأكمل ، ولقد أشعرتنا الشخصيات التي يخلقها الشاعر للحياة ، فلأنها الشاعر نفسه .
الشاعر وقد تعدد ، الشاعر وقد تعمق في نفسه  بملاحظة داخلية بلغت من القوة أن أدرك بها الممكن من الواقع ، وعاد إلى ما تركته فيه الطبيعة على حال مخطط أو مشروع فألف منه أثرا كاملا .

أما الجملة الثانية  ل (ميشيل فوكو) وبيقول : إن الكلام عن الحضارة ( إن أية ثقافة تجد نفسها على مفرق طرق فى البداية ، وهى مضطرة إذا ما أرادت أن تنتج شيء ما  أن تستمر ، أو أن تهجرها كلها لمصلحة طريق واحد ، هذا هو الخط الفاصل الكبير ، هذا هو العزل الفلسفى الأول الذي أنبنت عليه حضارة الغرب وكل حضارة بشريه).

أنا عايز إيه ؟
مااقدرش.
متكتف ومشوش وكئيب وأناني بيتعولق في اللحظة اللي بيحس فيها بأنه لقي حاجة يعوزها ، بيتلخبط ويغوص في الخيبة  ، يلغوص في مكانه  في نفس الملتغوص ، ويضحك لأنه عارف أنه مايقدرش وألا هتتدربك فوق رأسه الدنيا الخربانة الملعوب في أساسها  وهيشوف المتشاف قبل كده  هتلعبك ، ومحتاجة لشوية أحساس يلطشوه على وشه ويفوقوه ويحرروا الناس اللي محتاجين له من متعته بأنه فيه حد محتاج له ، طب وهيجيبهم منين مدام هو بيستسلم لدرجة من درجات المتعة وبيضخم  فيها عشان يفضل محل تقدير  ومصدر ثقة  وصدر حنين للناس اللي محتاجين له يريحوا عليه شوية من تعبهم ، وبعدين يقوموا يمارسوا حياتهم (مابيحتاجلوش إلا عند الإحساس بالعجز أو الضعف ) ولأنه عمال بيتصفى  منه الإحساس بذاته وأهميه وجوده فبكده بيبان قدام ذاته أضعف من أنه حد يحتاج له ، لكنه بيدارى ضعفه ويضخم في صورته  اللي رسمينهاله ، عشان يفضل مستمتع بلحظة ضعف الناس ولحظة قوته اللي هيه لحظة ضعف بتدارى برواز عملوه وهو قام بتلميعه كل ما يجى عليه شوية تراب .

طظ في اللي بيدور على السعادة المطلقة  واللي عايشين في الألم المطلق .
طظ ف المرة اللي مليه بجسمها كرسيين أتوبيس واللي بذلت مجهود عشان تطلع الأتوبيس ، ولو وزعت ربع المجهود ده على مدى حياتها ف التدوير على جسمها كانت سابت – لي – دلوقتى مكان جنبها ع الكرسي .

طظ في سيما الفانتازيو ، اللي عودتنى بتذكرتها الرخيص  وصوتها المكتوم ودوشة متفرجيها على أنى ما اعر فش أدخل فندق أو قاعة اجتماعات أو أي مكان هادى إلا وأنا مستني دوشه تحصل في أي لحظة ، وبين هدوء المكان واستعدادي لاستقبال الدوشة مشتت انتباهي  ومش عارف استمتع باللحظة اللي أنا فيها دلوقتى ، قاعد في كازينو على ترابيزة طالة على النيل قدامى قزازة بيرة وسوداني وترمس ومش مستني حد ، ومعايا فلوس تكفى الحساب وتفيض ، وبرغم كده عمال بتلفت ورايا  كل ما أسمع حركه ، وحاجات جوايا  بتحصل ، فرح ، على توقع حاجه هتحصل على خوف على يأس .

طظ في اللحظة اللي قررت فيها أتعالج من ألام العمود الفقري ، اللي تقريبا عايش بيها طول عمري من غير ما أقول لحد عليها ، ولا فكرت أعالجها  ، لأني كنت دايما حاسس إن فيه حاجات تانية ممكن أعملها ، حاجات تخليني مجرد التفكير فيها أحس بلحظات متعة ، أو سعادة تساوى على الأقل  - لحظات الألم أو تزيد عليها –  وبكده ما كنش عندي رغبة أن أبلغ رسالة ألمي لحد .

طظ في الإليه اللي وصلت ليها ، وأنا قاعد مستني حبيبتي تتكلم عن حاجة تخصني مش فاهمها ، حاجة تديني مبرر أن أدخل صمتها والغوص جواه  ، يمكن أعثر على حاجة  تقربنا من جذور اختلاف النوع بين زوجين مصريين  على الحياة مع بعض ، برغم إن رصيدهم من الكلام المشترك  عمال بيقل بكتير عن رصيد كل واحد منهم من صمته ، ومن صمت التانى.

14-8-1987

الساعة تلاتة تقريبا بعد نص الليل .

كنت متأكد أنه يوم أطول من 24 ساعه لكن قد أية ما أعرفش ؟

ومش عايز أعترف لنفسي باني دخلت فعلا فى 15 / 8 / 1987 بقالي حوالي تلات ساعات .

أتمددت ع السرير الحديد وعليت اللنضة الجاز المتعلقة فوق الباجور أبو شرايط وعدة الشاى والطبقين البلاستيك والحلة الألمونيا  المحطوطين على قوالب الطوب مرصوصين بارتفاع حوالي 50سم  عن أرض الأوضة الوحيدة اللي اتحرتت  اللي لسة  تراب الردم ما أندكش فيها .

فاضل سيجارتين فى العلبة وحبة شاي وسكر يعملوا مرتين .
وف جيبي خمسة وتلاتين قرش وسهران عشان الحق عويس مزار اللى باقى عليه من تمن الأرض اللي بعتها له ( 50جنيه ) بعد ما هددته بأني ها رفع عليه قضية لو ماد فعش لأني معايا وصل أمانه بالمبلغ.
وصوت الشيخ فى الميكرفون عمال يتنحنح ويكح من وقت لتانى  باسمع ناس بيضحكوا بصوت مكتوم أو بيستعجلوا بعض  ، والورق الأبيض  المتنتور قدامى بيتحول إلي شريط صخري في وسط البحر متغطى بطحلب أخضر مزرق مزحلق ، وأنا مكفى فوق منه ، ووشى اللي في المية تفصله شعره عن سنون صخور مدببة وعينيا في لحظة رعب بتلقط أخر مشهد لواحد صاحبى ومراته خارجين من البحر حاضنين بعض وبيبصوا عليه ، وبيضحكوا بجنون .

دلوقتى لازم أقوم أعمل لي كوباية شاي وما أولعش سيجارة غير بعد ما أقرب من نصها ، وألعن سلسفيل جد الفلاحين الخبثا ، والقوى العاملة والبت اللي عازمانى على عيد ميلادها  فى بلدها  ، البت اللي يدوب متعرف عليها من يجى شهرين وماشفناش بعض بنهم غير تلات أربع مرات في وسط اجتماعنا في ندوات ، البت اللي بتكتب شعر رديء جدا ، لكن وهيه بتقوله .  بتحسسنى إنى ممكن فعلا أعدى بنت نص ريفية محجبة وبتصلى ، من النسيج العنكبوتى المحكم من الرمل والبحر واليود واللامون والنخل ، وايزيس وازوريس والجان والعضم الدهب والدم والفحم والجبل والطيور الطين والملايكه الخزف  وأجيبها على السرير الحديد ومعاها قزازتين بيرة   وكيلو كباب  وشريط لفيروز  وتسجيل بحجارة وسجاير وشاي وسكر، ومبيد قوى لديدانى الأخلاقية اللي نازلة حفر بقالها 26 سنه  فى كل أعضائي  واللي عملت لها خنادق وأتحصنت فيها ضد كل محاولات التطهير  اللى قامت  بيها بنات أو نسوان قبليها ، واللي ما فلتش منها غير عضو واحد ، كان دايما كل ما الديدان تحفر حواليه  خندق وتبتدى تخزن فيه صديدها ، يتلوى ويتمط ويحدفنى فى الأرض ، أو في دورة المية ، كل المخزون من الصديد  الأخلاق ، على أي صورة لواحدة سواء كانت متحركة أو ثابتة  ، لابسة أو عريانة ، من الصور اللي بتلقطها كميرات الوحدة   وضروري يبقى مع البنت اللي نايمة جانبي ع السرير  بقميص النوم ، ومعانا أجرة السفر لبلادها ، عشان لو زهقنا من بعض تقدر تنصرف .

وأنا ها خلى الخمسة وتلاتين قرش عشان  يمكن أحتاج سجاير  - قبل الغفير اللي على مدخل باب الدوار ما يقفل الكشك  ويروح يصلى الفجر -فأجيب منه سجاير فرط أولع لها سيجارة واولعلى سيجارة  ، ونقعد
ندخن وهيه مريحة على صدري وداخله في حاله غيبوبة ، وأنا قاعد وكوباية الشاى في أيديا ، ومرات صاحبي اللي حضناه  وهمه خارجين من البحر بيضحكو بجنون قاعدة بتستنانى  في بيت أهلها عشان مش هتطفى الشمع  غير لما أجي ، والخمسة وتلاتين مايكفوش  نص أجرة السفر ، والصخور المسنونة  المدببة اللي اتحملت عبء تفتيت ريحتى وبعترة جسمى  اتصدرت المشهد والأوضة هتضيق وتتحول شق ، هتأجاله مين فيهم مش قادر أميز وهيه بتهرب منى وتدخل وأنا هاد خل ورا منها بريحة اليود وخشونة الملح وهازنقها هتتزحلق على الشريط الصخرى  الممدود في البحر  فتنزل على السرير ، هأضحك وأحضنها فنتحرر من بعض وأتحول لدكر يمام حايم على قبة بطنه ،  وباسبح بحمدي وشكري  أنى قدرت  ، أمنح بنت نص ريفية محجبة بتصلى ، وبتكتب شعر ردىء ، طفل مقدس ، يمكن يقدر يلملم روحى المتبعترة فى المشهد  وبعد ما أكتب أخر نقطة في روحي ، في حين المشهد ولعت اخر سيجارة ، وقبل ما أطفى العود ، ولعت في ملاية السرير بعد مارشيت السرير بكل الجاز الموجود فى الباجور  أبو شرايط ، ودفست بوزى في المخدة ، ونمت أو رحت في غيبوبة من ريحة الجاز .. مش عارف .


بقالي مده طويلة  قاعد قدام الورقة ، وأنا باجري وإيقاع التنفس على وبدأت أنهج ، والقلم في أيدي كأنه خايف يلمس الورقه ليتورط ويورطنى معاه ، في إيه ؟
 حاجات كتير بتنصب شباكها جوايا وحوالى  وعايزة تصطادني ، وعشان أهرب من حس المطاردة بدأت أطارد أنا التانى حاجات تانية  هيه أية  مش عارف ، بس أكيد فيه حاجات تانية هاصطادها ، حاجات أحسن ، أهم ، أرحب ، بس أصر على وجود حاجات تانية هناك ، حاجات بتتولد من حاجات ،
حاجات جديدة بفعل الإزالة والإحلال ، هتتولد ، وتوضح ، وتخرج من غموضها ، وأشوفها ، طب وأمر النهجان ده ايه ؟

أنا جسمي هيفضل في الدايرة الغبية دي ، يطارد فيطارد.
والقلم واقف خايف ومتردد ، وأيديا اللي ماسكه القلم أهي بدأت من جوايا دقيقتين تتوتر وتتشد ، وكأنها هتدخل معركة ، مع مين ؟ وليه ؟ وازاى ؟
 ومين اللى هيخسر وهيخسر ايه ؟

طب هل ممكن الخسائر تقل ؟ وتبقى الورطة أحسن ، والنتيجة ممكن تحملها ، ايوة ! الحاجات أبتدت توضح شوية، فيها شوية  مشتركات مع الحاجات اللى بتطاردنى ، بس فيها حاجات مش زيها بالظبط ، بس الشكل اللي اصطدته مختلف عن الشكل اللى كان بيحاول يصطادنى ، خلاص أبدا بقى في الجيش اللي ها تخش بيه المعركة مع الحاجات القديمة وصنع الخطط ، باختصار المطالبة بتمن المجهود اللى بذلته فى الهروب من الحاجات اللى كانت عايزة تصطادني في شباكها وتختفي ، تخنق طاقتي على تفسير العالم وأجابته   حاجات جديدة ليه ، ده مش بس كده ، لا يا واد وتمن المجهود اللى بذلته فى تمن الحاجات الجديدة  ايوه أي رسالة لازم توصل ،  يلزم لي معبد أشيل فيه الأسرار اللي حصلت عليها بمجهودى ،  ويلزم عرافين وكهنة  ينطقوا بلساني ويكشفوا سنه سنه للناس أسرار العالم الجديد ، الأهم ، الأرحب  وجيش المعركة لازم يتم توزيعه مش بس على باب المعبد لكن ، لكن في الأركان ، ويندس كمان بين المصلين ، ويخرج شوية منهم بعد الصلاه يتابعوهم فى السوق وفى البيت وفى الشغل ، ولو يقدر حد منهم يتحول لكائنات شفافة  تخش تحت جلدهم  وفى ودانهم وفى أدمغتهم ، أي حصرهم ، تعد عليهم أنفاسهم وخرائب أحلامهم ، أيوة ما أنا تعبت لحد ما اصطدت الحاجة العبقرية دي ، الحاجة اللي يتآمر عليها أمراء .
وتلاقيهم دلوقتى  مجهزين جيوشهم للهجوم ، يبقى لازم ابدأ أنا بالهجوم ، وما                                                                                               اديهومش فرصه يهاجموني ، صحيح معابدهم فيها ملائكة ، لكنهم شابوا ونظرهم ضعف  وجيوشهم ترهلت ، ونزلت أكل في لحم بعضيها ، لكن برضه الأمر ما يسلمش  ، أنهم يتوحدوا مع بعض ، وبدل خلافتهم ينقضوا عليه  ويهدموا معبدي  وفكرتي الجديدة يقتلوها  وهى لسه فى مهدها .

لا طب ياواد ، ما تبدأ أنت بالصلح ، مش برضه والحق يتقال - فيه بينك وبينهم حاجات كتير مشتركة - تأجل الخلاف بس بشرط تبقى حاجتى برضه موجودة جنب حاجاتهم ، أهو على الأقل التقدير هيسيبو مكان لجزء منى ولو صغير من حاجتى الجديدة ، والجزء ده  لما يخش جوه حاجتهم هيبقى زى السوس اللى هتنخر فى سقف معبدهم القديم الخربان  لحد ما يقع لوحديها ، ساعتها أبقى أنا ساهمت في هدم معبدهم من جوه  واستريحت من نهجان المطاردة  وجسمي بقى يقدر يلتفت لنفسه ، أه لازم أحافظ عليه ،
( هو اللي زى سهل تكراره ).

ولما أقعد أنا أطارد وأتطارد كده على طول  مش كل ده استهلاك للطاقة  اللي لازم أحوشها لحد المعركة الفاصلة بيني وبينهم ، لما الخلافات اللي مأجلها توصل نقطة الصدام ، ساعتها بنفخة واحدة هوقع معبدهم  اللي السوس بتاعى جاب داغه ،
وما يبقاش فاضل غير معبدى وكهنتى ومصلينى  وجيوشى ، ورسالتي اللي هيه أفضل رسالة أنتجها  أرقى أفراد النوع البشري : أ نا ..أنا ..أنا الشاعر ، أنا الكاتب ، أنا المصلى ، أنا الثوري ، أنا النبي، أنا الإله .
ايه ده ، مين اللي قاعد قدام الورقة والقلم وخايف ومرتبك فى أيده ، وعمال ينهج؟؟                 

"اللغة مسكن الكائن " هيدجر

اللغه بالمعنى السيموطيقى، كانت الخطابات التواصلية "النفعية " (الخطاب مع البائع ، مع الصديق ، مع الأولاد ، مع إشارات المرور ...الخ) والجمالية (الفنون جميعها ) والثقافية (العلمية – الفكرية - الدينية) والنفسية (الانفعالات – الأحلام – الأخطاء) .
وهى تحل دائما فى ممارسات يحياها الكائن البشرى  يوميا ، فعندما أقابل زميلا في العمل فإن تحصيلي من الخطابات المرتبطة بالصداقة في العمل يظهر ملتبسا أو مغلفا بسلوكيات  صداقة العمل ، فإذا كان هذا اللقاء داخل مكان العمل تبدو خطابات و سلوكيات  صداقات مكان العمل لتزيح خطابات وسلوكيات صداقات خارج العمل وصداقات الجيرة وغيرها من الصداقات الأخرى  وتطرح على الأنا (كما تطرح توقعات أخرى) انتهاء للسلوك  داخله عديد من الاختيارات التى لايجب سلوك مسلك خارجها وإلا تعطلت الخطابات ، وعجزت اللغة عن أنتاج خطاب لهذا المسلك  وبالتالى تكف اللغة عن الخطاب ، ليحل الصمت لدى الأنا والأخر والذي يلزمه إيجاد خطاب يملاه  ولكن هذا الخطاب سيربك كافة الخطابات المتداخلة  معها ، وبالتالي سيربك سلوكياتها ، وعليه تقف الأنا والأخر ضده (بحمايتها لمصالحها التى تحققت داخل هذه الخطابات ) فتبدأ الأنا في التراجع خطوة أو تخفف من غرابة الخطاب لتجد لها مكانا يسمح به
هامش هذه اللغة ، كان يقال عن سلوك شاذ داخل علاقات العمل بأنه سلوك (فنان أومجنون  أو مجرم  ) وكلها سياسات رغم اختلافاتها النوعية مقبولة ، ولكن لها مكانها ، وقد يسمح على سبيل الانفعال من مكانه شريطة ألا يتكرر أو يتحول إلى سلوك دائم و شاذ ، ولن يقبله المكان الاصلى (العمل ) وعلاقاته ، أي لا يقبل الآخر أن يتحول المصنع الى مرسم أو حجرة النوم إلى أرشيف أضابير حكومية ، أو الشارع إلى خمارة أو المسجد ، الكنيسة إلى محطة انتظار ..الخ

فلابد من فصل الخطابات  وبالتالى الممارسات عن بعضها البعض مع هامش مسموح به للحركة بين السياقات ، شريطة عدم اختلاطها  وتضييق الحدود بينها .
فأنا لي صديق في العمل : أراه دائما "بطة "وآخر أراه "ثلاجة" ولكن هل يمكننى التعامل دائما مع الأول بصفته بطة والآخر ثلاجة ، وهل يسمح هو بذلك ، أقول بمعنى أدق  هل تسمح الخطابات التي تنتجها اللغة بإنتاج  خطاب العلاقة مع الرجل البطة أو مع الرجل الثلاجة  وممارسة هذا الخطاب ؟


في فيلم أيس كريم في جليم :
نرى البطل والبطلة يأكلان الأيس كريم في شهر ديسمبروفى الإسكندرية ، فالخطاب العلمي حول الأيس كريم يجعله مادة مثلجة تحتاج لدرجة حرارة مرتفعة لكي تسيل ، وتحتاج إلى درجة حرارة منخفضة لكي تجمد .
ولكن المخرج حول الشىء البارد يستمد منه حرارة الجسم وبالتالي يقبلها مثلجة كي يمكنه أن يحدث هذا التوازن بين درجة حرارة الجسم ودرجة الجو الخارجي البارد في ديسمبر  والسلوك الطبيعى الموافق لهذا الخطاب  هو أن يؤكل الأيس كريم في أغسطس (الحر) .
ولكننا نجد البطلين يصران على أكله في ديسمبر  فهما بهذا المسلك يخالفان مسلك متفق عليه ولكن هذا السلوك يحتاج لخطاب يجعل هذا السلوك ممكنا .
خطاب لم تحتوية الخطابات المرفقة لهذا السلوك ، خطاب ينبع من (أنا ) تجد مكانا مختلفا لهذا السلوك الشاذ داخل خريطتها  وهذا الخطاب هو خطاب( الفيلم )  فالبطلان  بل وغيرهم من شخصيات الفيلم لديهم داخل ملتهب بالاحلام ...
يحتاجان لتحويلهما !لي سلوك في الواقع كي تهدأ قليلا درجة اشتعال الداخل ، ولان تحويلهما إلى سلوك خارجي . اقصد صنع عالم يحققان فيه أحلامهما ، عالم يمكن للإنسان أن ينفذ ما يحب ويأكل ما يحتاجه ، ويخرج ويعود وقتما يحب ويعمل ما يحب ،أي باختصار يفعل ما يريد ، فانهما يبحثان للبقاء على الأحلام موجودة ولكن دون تعرض داخلهم للانفجار النفسي ، الذهني السلوكي، فإنهم يربطون هذا الداخل قليلا بالايس كريم .

السلوك الخارجي ربما يتفق وعالم الداخلى .وربما يتخلصان به فقط من جزء من حراره الداخل وهذا الانتقال بين الداخل والخارج  بين خطابات وسلوكيات الأماكن المختلفة (سلوك الفن ، سلوك الواقع الحياتي)  يحقق للذات توازنا مؤقتا وأملا مؤجلا  وللأخريين  أرتباك مؤقت وشك فى أبدية هذه الخطابات وسلوكياتها ، ولكن احتياج الآخر لهذا الإرباك  وهذا الشك هما اللذان يصنعان مع خطاب الأنا وسلوكه  المكان الاخر ، ذلك المكان الذي يمكن أن نعدل فيه الخطابات والسلوكيات قليلا أو كثيرا من مواقعها فى خريطة الذات (الخريطة التاريخية ) وخريطة الآخر ، ثمة طرح آخر للحوار مع الفيلم  قد يكون هذا السلوك تم نقله من لغة أخرى يصبح خطابها بهذا العالم السلوك (المجتمع الغربى ) ولكن تحويله فى فيلم الى جزء دال داخل الفيلم كخطاب فنى  أوجد علاقة بغيره من السلوكيات التى مارستها الشخصيات داخل الفيلم  وأصبحت سلوكيات  تحتوى خطابا  فنيا خاصا يرغب صاحبه فى خلخلة الخطابات والسلوكيات المستقرة في الأماكن المختلفة .

مفردات الحاجة كدال :
 بؤرة ينسج حولها عديد من المدلولات تبعا لمستويات استخدامها  في سباقات مختلفة والتلبية باحتياجات مختلفة باختلاف مواقع مستخدميها الفردية والجماعية  ويمكن على مستوى شديد التجريد ، تجميع المدلولات حول محوريين .
الاول مادى والثانى المعنوى (الفكر الحسى ) مع عدم إهمال نقاط التقاطع الممكنة بين المحوريين .
فأنا بيني وبين فلان حاجة تخصني
 (علاقة وأسرار ) ولى عند علان حاجة أتمنى أنه يلبيها (رغبة )  
وعندي (حاجة ) عايز أقولها ومش عارف
(فكرة محسوسة )
ولكن فى نفس الوقت
أول ما دخلت من البيت حطيت ( الحاجات)
اللى فى أيدي على الأرض (أشياء مادية )
 فالحاجة دال على ماهو معنوى (فكر حس ) ومادى  دال على الشيء والعلاقة
ويمكن أن تقترب مفردة (تفصيلية ) وإن كانت الأخيرة  تميل إلى فضاء تشكله مجموعة المدلولات التي تتمحور حول الجزء  أو الأجزاء المنفصلة عن كل سياق ، بينما الحاجة تشمل الكلى والجزئى  حيث يأتي التميز من صفة لاحقة كأن تقول (حاجة صغيرة ، حاجة سخيفة، حاجة كبيرة) أو من السياق بشكل عام كأن نقول
(فيه شوية حاجات  صغيرة همه في الأصل حاجة واحدة كبيرة ) حاجات من غير شيش .
هل لأنها كان لها فى حياة سابقة شيش  ولم يعد الآن موجودا  ولكن
انتهاء هذه الحياة لم يمنعها من أن تترك اثرها على جسم  صاحب هذه الحاجات (الشخصية/النصية ) وبالتالي تصبح الكتابة هي دفع بهذا الأثر  الذي هو جزء من التاريخ  الشخصى إلي لحظة أخرى مازلت حيه ، وبالتالي تكتسب دورا جديدا  ودلالات جديدة في هذه الحياة الآنية (لحظة الكتابة ) أم أن الحاجات من غير شيش كواقع موجود معترف به من قبل الكاتب كتابة  ومن قبل الشخصية النصية (حياة) وبهذا تصبح الكتابة محاصره لمحاولة حياة  هذه الحاجات فى هذا العالم  الخالى من الشيش ؟
أم أن الحاجات من غير شيش اعتراف بنقص ما يجب تجاوزه صوب حياة لهذه الحاجات ، حياة أخرى مستقبلية  في عالم تسعى لآن يكون له شيش ؟
ثلاثه مستويات  دلاليه لنفس الدالة ؟
إذا الشيش هاجس هذه الحاجات فى الثلاثة احتمالات .
فالحلم بالشيش كاحتياج يحمل ذكرى شيش آخر قديم ، وإن لم يكن له وجود الآن (لحظة الكتابة ) إلا إنه ترك علامات على جسم الشخصية النصية  لكن بين الشيش القديم(الماضى والجديد المستقبل ) تحيا هذه الحاجات فى عالم من غير شيش ، تحاول أن تكشف في لحظه الحاضر
 (النص الحياتى ) امتداد هذا الأثر الماضوى الحي صوب نقطة ارتكاز تجذب منها حلم الشيش  الآخر المستقبلي  كاحتمال ممكن أن ينفصل عن زمنه الخاص ليحل فى زمن نقطة الارتكاز (الحاضر ) وبالتالى محاولة تشكيل عالم (حياة ) له زمنه الخاص ، زمن يشتبك فيه ماضية ومستقبله على أرض حاضره ، لكن نقطة الارتكاز ذاتها  هى عالم من غير شيش لكن أنتهي  ومستقبل لابد (أو من الضروري ) أن يكون له شيش لفض هذا التوتر .
لكن يظل سؤال مضمر وراء هاجس الشيش  هو لماذاهذا الاحتياج الملح لاستعارة الشيش ؟؟
    
فى القضية المثارة بين مجدى الجابرى ومجدى على عبد الهادى وبينى .


 0000000000000000000000000000






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق